بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

         الفكر الإسلامي في مفهومه الشمولي يرتبط بقيم ثابتة ومقومات متحركة وإبداع متجدد. وهي عناصر لا مجال للنظر إليها بتجريد أو في انفصال عن شروط قيام المجتمع وظروف تطوره وما يشغله من مشاكل وهموم، ويسعى إليه من تطلع وطموح.

 

         ومن ثم يتأكد حضور هذا الفكر عند النظر إلى الهوية والكيان والشخصية، سواء في بعد ضيق محدود أو في أفق رحب واسع ؛ طالما أنه – أي الفكر – كامن خلف مكونات تشكيل الحياة وبلورة اتجاهها وإضاءة طريقها في غيابات المستقبل ومخبآته.

 

         ومن خلال البحوث التي جمعتها في هذا الكتاب، حاولت أن أوضح جوانب من الفكر الإسلامي، فيما يرتبط منه بالتراث أو ما يمس الواقع. وهي جوانب تعكس منظوراً مغربياً أغناها باستمرار وما زال يغنيها، إلى حدّ أن البعض قد يعتبر ذلك الفكر مغربيا، انطلاقاً من عوامل التأثير البيئية المحلية ؛ وقد يراه آخرون مطبوعاً بالميسم العربي، لما له من صلات بمميزات موروثه الحضاري والثقافي ؛ في حين تذهب فئة ثالثة إلى أنه ذو صبغة مشتركة. إلا أن ربطه بالإسلام يلخص كل ذلك، للانصهار الذي تم في بوتقته على جميع المستويات.

 

         وقد جاءت هذه البحوث تعكس رؤية مغربية، ليس فقط بالنسبة للموضوعات التي تتصل مباشرة بالمغرب، ولكن حتى بالنسبة لتلك التي لا تبدو مرتبطة به إلا بخيط رفيع.

 

         وإذا كان عدد مباحث الكتاب ستة، فإن نصفها يدخل في نطاق الصنف الأول، وهي كالآتي:

 

1-    فلسفة نظام الحكم في الإسلام وأهمية البيعة.

2-    أسباب انتشار المذهب المالكي في المغرب.

3-    الدين في وسطيته وتجديده وسياق الشخصية المغربية.

 

         أما الموضوعات الثلاثة الأخرى المتعلقة بالصنف الثاني، فهي:

 

1-    موقف الغزالي من إشكالية التوفيق بين الحكمة والشريعة.

2-    استخلاص التصور السليم لمعاملة غير المسلمين في ديار الإسلام في الوقت الحاضر.

3-    خطبة الجمعة و قضايا الفكر الإسلامي.

 

         وعند تقديم كل واحد من هذه البحوث، بينت الداعي إليه وسبب إنجازه كتابة  أو إلقاء ومناسبة ذلك.

 

         فالله أسأل أن تكون ذات فائدة تعم جميع المعتنين والمهتمين من الطلاب والدارسين وعموم القراء ؛ وهو ولي السداد والتوفيق.

 

الرباط (الهرهورة)

14 شعبان 1408هـ                                                                   عباس الجراري

2 أبريل 1988م